ترامب يتسبب في انخفاض غير مسبوق لأسهم الأسواق الناشئة إلى أدنى مستوى منذ 2008

في حدث اقتصادي هز الأسواق العالمية، تراجعت أسهم الأسواق الناشئة بشكل غير مسبوق إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. السبب وراء هذا الانهيار يعود إلى الضغوط التي فرضتها الرسوم الجمركية الأميركية التي قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على العديد من البلدان. لكن هل هذه الأزمة اقتصادية أم أن لها أبعادًا سياسية؟ وهل ستؤثر هذه التحولات الاقتصادية على الاقتصاد العالمي بشكل مستدام؟ دعونا نلقي نظرة أعمق على هذا الحدث الذي هز أسواق المال وأسواق السلع.

التأثير العميق لرسوم ترامب الجمركية على الأسواق الناشئة

إستيقظت اليوم الإثنين الأسواق الناشئة على صدمة سقوط غير مسبوق إلى أدنى المستويات . وسجلت العديد من الأسواق أكبر انخفاض يومي لها منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ترامب، الذي أثار الجدل مرارًا وتكرارًا مع سياساته التجارية، وضع الأسواق في مواجهة مع واقع جديد.

وقد أدى هذا الضغط الكبير إلى تراجع مؤشر مورغان ستانلي MSCI للأسواق الصاعدة بنسبة 8.4%، وهو ما يمثل أكبر انخفاض يومي لهذا المؤشر منذ أكثر من 15 عامًا. وقد أثرت هذه الخسائر على مؤشرات الأسهم في الصين، وهونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، وتايوان، مما جعل المستثمرين يواجهون أوقاتًا صعبة في اتخاذ قرارات استثمارية حكيمة.


إقرأ أيضا:


خروج المستثمرين من الأسواق بسبب مخاطر الرسوم الجمركية

أحد العوامل الرئيسة وراء هذا التراجع الكبير هو الخوف من تأثيرات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأميركي والعالمي. فقد حذر عدد من الاقتصاديين، ومنهم غولدمان ساكس، من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي الأميركي. وبدوره، قد يتسبب هذا التباطؤ في تأثيرات سلبية على اقتصادات الدول الأخرى، خصوصًا الأسواق الناشئة التي تعتمد على الصادرات.

ومع تصاعد المخاوف، بدأ المستثمرون في الهروب إلى الملاذات الآمنة، مثل السندات الحكومية الأمريكية والدولار، متجنبين الاستثمارات في الأسواق الناشئة التي أصبحت أكثر تقلبًا من أي وقت مضى. كما زادت التوقعات بتدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما زاد من القلق في الأسواق العالمية.

دور الصين وتدابيرها المضادة لرسوم ترامب

بكين كانت من أكبر المتضررين من هذه الرسوم، حيث فرضت حكومة ترامب على الصين أكبر حزمة من الرسوم الجمركية. في رد فعل سريع، أعلنت الحكومة الصينية عن إجراءات مضادة، مما أثار تكهنات حول إمكانية اللجوء إلى خفض قيمة العملة الصينية، اليوان، بشكل كبير مقابل الدولار الأميركي. هذا التوجه قد يعمق الأزمة الاقتصادية في الصين ويمتد تأثيره إلى الأسواق الناشئة الأخرى.

كما أعلن بنك الشعب الصيني عن خفض سعر اليوان إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر الماضي، مما يعكس تزايد الضغط على الاقتصاد الصيني في مواجهة الضغوط الجمركية الأمريكية. ولعل هذا هو السبب في قفز مخاطر الائتمان في آسيا إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2020.

الركود المحتمل في الأسواق الناشئة

من المؤكد أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستكون لها تداعيات طويلة الأمد على الأسواق الناشئة. وقد لا يكون هذا التراجع في الأسهم هو الجواب الأخير لما قد يحدث في الأشهر القادمة. فقد تزايدت احتمالية حدوث ركود اقتصادي في أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما سيزيد الضغط على الدول التي تعتمد على التصدير مثل البرازيل، والهند، وإندونيسيا.

وبالفعل، شهدنا في الأسواق المالِية عمليات بيع عشوائي للأسهم والسندات في العديد من الأسواق الناشئة، حيث هبطت السندات السيادية لعدة دول مثل باكستان وسريلانكا ومصر بشكل حاد.

التوقعات المستقبلية وتأثير الوضع على السندات السيادية

من بين الأسواق الناشئة التي شهدت تراجعات كبيرة، كانت السندات المصرية هي الأخرى من أبرز الخاسرين. فقد تراجعت السندات المصرية بنسبة أكثر من 4 سنتات. وهو يعكس ذلك تدهور الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على التعامل مع هذه الأزمات الخارجية.

ويتوقع البعض أن تكون هذه التراجعات مؤشراً على صعوبة الوضع الاقتصادي في المستقبل. وقد يتطلب الأمر من الحكومات اتخاذ تدابير اقتصادية جريئة لتقليل المخاطر المحتملة. ويمكن أن تتخذ بعض البلدان خطوات مثل خفض أسعار الفائدة أو التدخل في أسواق العملات.

هل هي بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي؟

لا شك أن ما يحدث اليوم في الأسواق الناشئة يعتبر علامة فارقة في تاريخ الاقتصاد العالمي. إذا استمرت سياسات ترامب في فرض المزيد من الرسوم الجمركية، فقد نشهد المزيد من الانهيارات الاقتصادية، ليس فقط في الأسواق الناشئة ولكن في الاقتصادات الكبرى أيضًا. قد يكون الوقت قد حان للبحث عن استراتيجيات جديدة ومرنة لمواجهة هذا الوضع المتقلب.

لن يكون من السهل التعافي من هذه الصدمات الاقتصادية، لكن العالم قد يكون أمام فرصة لاكتشاف طرق جديدة للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية. إذا كنت مستثمرًا أو معنيًا بالشأن الاقتصادي، فمن المهم أن تظل على اطلاع دائم بكل جديد لتتخذ قراراتك بحذر.

Exit mobile version