اليوم العالمي لمرض التوحد: دعم الأسرة والطفل في رحلة فهم المرض

ما هو التوحد ولماذا هو مختلف؟


مرض التوحد أو اضطراب طيف التوحد، هو حالة تؤثر على تطور الدماغ، وتظهر تأثيراتها في مرحلة الطفولة المبكرة، غالباً قبل سن الثالثة. يتسم الشخص المريض بالتوحد بصعوبات في التواصل والاندماج الاجتماعي، إضافة إلى سلوكيات متكررة واهتمامات محددة. بعض الأطفال يجدون صعوبة في الكلام، وآخرون يتكلمون بطلاقة، لكن يعجزون عن فهم المشاعر أو قراءة تعابير الوجه.

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1% من سكان العالم مصابون باضطراب طيف التوحد، مما يعادل نحو 70 مليون شخص عالميًا. تختلف معدلات الانتشار بين الدول، ففي بعض البلدان المتقدمة، يُقدَّر أن 1.5% من الأطفال مصابون بالتوحد.

التوحد لا يظهر بشكل واحد، بل يختلف من شخص لآخر، ولهذا سمي “طيفًا”. هذا الاختلاف يجعل تشخيص الحالة وفهمها أمراً دقيقاً، يتطلب متابعة متخصصة وتقبلاً من البيئة المحيطة.

في اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، نعيد النظر في الطريقة التي نرى بها هذا الاضطراب المعقّد. الوعي هنا لا يعني فقط المعرفة النظرية، بل يشمل الفهم العميق، والقبول، والقدرة على التعايش والدعم الحقيقي. المصابون بالتوحد ليسوا حالات خاصة، بل بشر مثلنا، لهم احتياجاتهم وطاقاتهم، فقط يعيشون العالم بطريقة مختلفة.

يعد الاحتفال بهذا اليوم مناسبة، للتذكير بمسؤوليتنا الجماعية تجاه من هم ضمن هذا الطيف، وأن لكل منهم صوت يستحق أن يسمع ويستحق أن يأخذ فرصته كاملة في الحياة

إقرأ أيضا: هجوم عصابة إجرامية على سجن في هايتي يسفر على فرار 500 سجين

لماذا نحتاج إلى يوم عالمي للتوعية بمرض التوحد؟


يصادف اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد يوم 2 أبريل من كل عام، وتم اعتماده من قبل الأمم المتحدة ليكون منصة عالمية لنشر الفهم والدعم. لا يكفي أن نعرف اسم المرض، بل يجب أن نغيّر نظرتنا إليه. التوحد لا يعني العجز، بل اختلاف في الإدراك والتفاعل. في هذا اليوم، تنطلق المبادرات التوعوية ونزين المعالم باللون الأزرق، تعبيراً عن التضامن مع المصابين وأسرهم. الفكرة ليست رمزية فقط، بل تهدف إلى بناء وعي حقيقي يدفع نحو الدمج المجتمعي، وتحسين فرص التعليم والعمل، ومحاربة الوصمة الاجتماعية التي تحيط بالاضطراب.

كيف نُقدّم الدعم الفعلي للمصابين بمرض التوحد؟

الدعم لا يكون فقط بالعواطف، بل بالأفعال. يبدأ الأمر من الأسرة التي يجب أن تكتشف المؤشرات المبكرة وتسعى إلى التقييم والعلاج المناسب. ثم بعد ذلك يأتي دور المدرسة التي يجب أن توفر بيئة مرنة ومتفهمة. أما المجتمع، فعليه أن يفتح أبوابه ويمنح الفرص دون تمييز.

من الطرق الفعالة لدعم المصابين بالتوحد:

ماذا يقول العلم عن التوحد وما هو أفق العلاج؟


حتى اليوم، لا توجد أسباب حاسمة للتوحد، لكن الدراسات تشير إلى تفاعل عوامل وراثية وبيئية معقدة تؤثر في تطور الدماغ. ليس هناك علاج نهائي، لكن هناك تدخلات فعالة يمكن أن تحسن المهارات اللغوية والاجتماعية والسلوكية لدى المصاب. العلاج السلوكي هو الأكثر استخدامًا، ويتضمن برامج مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، إضافة إلى العلاج الوظيفي وعلاج النطق. كما أن التطورات التكنولوجية، مثل التطبيقات التعليمية وأدوات التواصل المدعومة بالصور، أصبحت أدوات قوية في تمكين المصابين بالتوحد. الأهم من ذلك أن العلاج يجب أن يكون شخصياً، يتناسب مع قدرات واحتياجات كل طفل، بدلاً من الاعتماد على قوالب عامة.

في النهاية، لا يتعلق الأمر بيوم واحد من التوعية، بل بأسلوب حياة كامل من القبول والفهم والدعم المستمر.

اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد يذكّرنا بأن هناك من يعيشون بيننا بعوالم داخلية مختلفة، وليس من العدل أن نغضّ الطرف أو نتعامل معهم كغرباء. بقدر ما نزرع فيهم من ثقة، نحصد مجتمعًا أكثر إنسانية وتنوعًا.

والسؤال الحقيقي الذي يجب أن تطرحه على نفسك: هل ساهمت اليوم بشيء في هذا الوعي؟

Exit mobile version